اليمامه والطاوس الحلقة الثالثة عشر

موقع أيام نيوز

تتحرك بينما ابتعد صوتها ينادي باسم الأبناء هفا قلبه مع نشاط خطواتهما متذكرا خفة حركة حبيبته وأنطلاقها كلما كان وحدهما وثقلها وحزنها وهو يربط بعنقها صحبة غير مرغوب بها بالنسبة لها.
تطايرت كل أفكاره واحتبست أنفاسه وهو يستمع لتلك الخطوات الهابطة إليه سيكشف أمره ويورط زينهم بالمشاكل لطالما كان مندفعا وكثيرا ما أخبره شقيقه بأن اندفاعه سيؤذيه يوما وتحققت نبؤته كثيرا ولكن تلك المرة سيؤذي شخصا برئ كل ذنبه أنه ساعد شخصا مثله.
شحب وجهه وتخشب جسده ملتصقا بالحائط وهو يلمح ذلك الظل الهابط وقد سبق صاحبه ليرتخي جسده دفعة واحدة ويتنفس الصعداء وهو يرى وجه زينهم من خلف ظله.
لم يطل ارتياحه كثيرا وهو يلمح وجه زينهم المقضب الحاجبين ونظرات الڠضب واللوم بعينيه ازدرد ريقه وهو يقتاد لإشارته لاتباعه بالصعود بصمت وبمجرد دلوفهما لحجرة زينهم أندفعا مبررا ومدافعا عن نفسه أنا عارف أني غلطان بس متفهمش غلط والله الموضوع ملوش دعوة بالحريم والكلام اللي في دماغك خالص.
لم يجيبه زنيهم سوى بنظرات الخيبة وكلمة وحيدة مقتضبة فهمني.
وجد نفسه يندفع يقص عليه كل ما مر به قبل لقاءهم وبعده وحتى هذه اللحظة ليختم كلامه موضحا يعني أنا مكنتش بتجسس للتجسس مكنتش بتجسس أصلا أنا كنت بفك عن نفسي وباتعلم عشان لما أرجع لحياتي أعرف أصلح اللي عملته.
لم يجيبه زينهم مباشرة وكان تخبطه واضحا ما بين تعاطفه معه على ما مر به وغضبه منه لما بدر عنه ليكبح جماح غضبه أخيرا وهو يزفر منفسا عن غضبه محاولا جعل حديثه هادئ رغم قوته عارف سيدنا عمر.
غمغم ببلاهة لا يدري عما يتحدث سيدنا عمر مين!
أجابه ببساطة سيدنا عمر ابن الخطاب.
أمأ ايجابا بحيرة وهو لا يعلم ما علاقة ذلك بما هما فيه أيوه طبعا أعرفه.
أتكأ على فراشه مكملا وقد هدأ صوته تماما سيدنا عمر كان بيتسحب بالمدينة بالليل عشان يطمن على رعيته فسمع صوت غنى وعربدة رجل في بيته فنط السور ولاقاه فعلا بيسكر وبيسمع جارية بتغني فزعق وقاله يا عدو الله أنت فاكر أن ربنا يسترك وأنت بتعصيه فالراجل قاله بهدوء لو أنا عصيت ربنا مرة فأنت يا أمير المؤمنين عصيته تلات مرات.
اعتدل توقيرا لآيات الله لأن ربنا قال ولا تجسسوا وأنت اتجسست وربنا قال وأتوا البيوت من أبوابها وأنت نطيت السور ودخلت علي من غير إذني وربنا قال لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها.
عاد لأستلقاء على سريره فسيدنا عمر قاله تسامحني إذا أنا سامحتك والراجل وافق فسيدنا عمر عفا عنه وخرج وسابه بحاله منه لربه.
أنهى كلماته وهو يغلق عينيه مغمغا شوف أنت بقى أن كان سببك أنك تتجسس على الناس أقوى من سبب سيدنا عمر في تفقد رعيته وإقامة حدود ربنا وهاتعرف أذا كنت اتجسست ولا لا واللي عملته حلال ولا حرام.
ثوان معدودة وأرتفع غطيطه لكن لأول مرة لم ينتبه ياسر لذلك فالأفكار برأسه كانت أكثر صخبا وإزعاجا من صوت الغطيط لقد وضعه زينهم أمام نفسه لأول مرة ليس بشأن تجسسه فقط بل بشأن حياته كلها فهو لم يضع أفعاله بميزان الحلال والحرام من قبل بل كان يزنها بميزان العيب ونظرة المجتمع.
تلاحقت مواقفه وآراءه أمام عينيه سريعا ليعلم بأن ليلته لن تكون سهلة أبدا خاصة وقد طفت على سطح ذكرياته كلمات حبيبته التي يظن بأن ذنبه بها كان بداية لاڼهيار حياته رغم أن وجودك معها أو حتى مع سلوى بنفس الشقة حرام بس أنتوا كنتم صغيرين ومش فاهمين لكن دلوقتي أنت كبير وفاهم ومسئول قدام ربنا عن كل تصرفاتك وكل التجاوزات اللي بينكم بحجة العشرة والتربية ومتقوليش زي أختي الدين مفيهوش زي يا ياسر
استيقظ زينهم لصلاة الفجر فوجد ياسر يقرأ بمصحفه ابتسم له دون حديث وصدح الأذان فاستقما ملبيان ليهمس بخزي دون أن يرفع عينيه أنا فعلا اتجسست بس والله مش هاعمل كده تاني.
ابتسم له زينهم وهو يجيبه بهدوء لما قولت أنك سمعت الست شوقية بتقول ياروقة وأنك عارف صوتهم افتكرت أنك سمعتهم بالصدفة زي ما ساعات باسمع حد منهم يطلب ملح ولا لمونة وده معلهوش ذنب لكن أنك تركز وتقرب وتبقى
تم نسخ الرابط