قصه مشوقه بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
مبتعدا
لاء هنكرره تانى
جلس خلف مكتبه وتركها تكرر التمرين وحدها وأخرج بعض الصور الملونة المطبوعة بحرفية وقدمها لوالدتها ووالدها قائلا
دى صور لبعض التمارين المهمة لازم تعملها بمساعدة حد فى الأول
نظر إلى والدتها قائلا
حضرتك ممكن تساعديها بسهولة فى البيت والورق ده فيه كل الخطوات وهو سهل ان شاء الله
هو فى ايه يا ماما من أمتى وانت بتحبى الحجامة
طرقت أمها الباب وهى تضغط على يدها قائلة
حبتها مالكيش دعوة
ماشاء الله يا عبير انت زى القمر
عبير طول عمرها مهتمة بنفسها بس البتاع اللى حاطاه على وشها ده هو اللى مخلى محدش بيشوفها ولا يعرف شكلها ايه
قالت أم بلال وهى تضغط الكاسات الهوائية على قدم عبير
اللى يستحق يشوفها ويشوف جمالها هو اللى ربنا كاتبله يبقى جوزها مش الناس اللى ماشية فى الشارع يا ست أم عبير
يالا بقى علشان أعملك حجامة على ضهرك كمان بالمرة كده
أحمر وجهها وهى تقول بحياء
لا معلش يا طنط مش هينفع اقلع البلوزه
نظرت لها أمها بحدة وقالت آمره
دى ست زيك
يا
عبير هتكسفى من الستات برضه
هزت عبير رأسها وقالت معاندة
معلش بجد مش هينفع مقدرش والله
كادت أمها أن تعترض ولكن أم بلال منعتها قائلة بحسم
أزالت الكاسات عن قدمها ومسحت بعض الډماء وهى تسمع أم عبير تقول متسائلة
هو اللى بيعمل الحجامة دى لازم يكون متخصص
قالت أم بلال باهتمام
بلال هو اللى علمهالى بما أنه دكتور ساعتها قالى أن فى دورات بتتاخد فيها واللى بيدى الدورات دى دكاترة واللى بياخد الدورات دى بيبقى معاه شهادة معتمدة أنه عنده علم بيها لأن فى أماكن فى الجسم خطړ أى حد كده يقرب منها لازم يكون دارس
ها يا فارس حددت معاد مناسب ولا لسه
نظر إليها فارس منتبها لكلماتها وتبادل نظرات صغيرة مع والدته ثم نظر إلى دنيا وقال
رأيك ايه يا دنيا وأيه المعاد اللى يناسبك
المعاد اللى ماما تحدده
حاول فارس أن يخفى ابتسامته فهى غير مناسبة للموقف وقال
أول ما اخلص امتحانات الماجستير على طول كويس
ونظرت والدة دنيا إلى والدة فارس تسألها
أيه رأيك يا حجة
قالت أم فارس مرحبة ومندهشة فى نفس الوقت
كويس أوى
ظهرت علامات الأرتياح على وجه والدة دنيا ونظرت لفارس وقالت بصدق
كتب الكتاب هيبقى على الضيق كده فى البيت يعنى متفتكرش انى طالبة منك فوق طاقتك وأنا عن نفسى مش عاوزه غير أنى اطمن على بنتى أنى لو مت وسبتها تبقى مع راجل يقدر يحميها ويتحمل مسؤليتها والحاج الله يرحمه كان دايما بيقول عليك
قد المسؤلية
لمعت عينى فارس تأثرا وأطرق برأسه حزنا على فقد هذا الرجل الذى كان يتمنى أن يمتد به العمر أكثر ليثبت له أنه عند حسن ظنه به بينما قالت والدته
الله يرحمه
أخبرته والدة دنيا برغبتها فى بقاء دنيا معها هذه الفتره وبعدم رغبتها فى عودتها للمكتب وطمئنها فارس بموافقته وأن الدكتور حمدى ليس لديه أى مانع وأنه يقدر ظروف دنيا بعد ۏفاة والدها
جلس بلال إلى والدته بعد عودته ليلا وعلى وجهه سعادة كبيرة لما يسمعه منها عن عبير ووالدتها وقال بلهفة
بجد يا أمى يعنى انت فعلا حسيتى انها مرتحالى طيب افاتحهم فى الموضوع أمتى
ضحكت والدته وهى تقول
ومالك مستعجل أوى كده ده انت يدوب شفتها كام مرة
ثم ضحكت مرة أخرى وهى تستدرك
قال شفتها قال
ضحك بلال لدعابة والدته وقال
أنت بتقولى فيها يا أمى أنا فعلا شوفتها بقلبى وعقلى متقدريش تتصورى يا أمى هى حيية وخجولة وبتحافظ على نفسها قد أيه ودى أول حاجة شدتنى ليها حتى من غير ما اقابلها اصلا
ربتت على ساقه وهى تقول مطمئنة
متقلقش سيب الموضوع على الله ثم عليا لو تحب أروح اخطبهالك النهاردة قبل بكره
فرك كفيه قلقا وهو يقول
أنا بس عاوز أتكلم معاها علشان أعرف شوية حاجات تهمنى كده وده ان شاء الله يحصل فى الرؤية الشرعية
بس يابنى هنروح نتقدم كده مش نستنى لما تخف الأول طيب
أبتسم بلال ابتسامة ذات
معنى وهو يتمتم
ماهى لما تبقى مراتى هعرف اعالجها بضمير
وقفت عزه ليلا فى نافذتها تتطلع إلى بداية الطريق عن كثب وتتأمل المنعطف الذى يجتازه عمرو يوميا فى نفس الميعاد عائدا من عمله ظلت تنظر لساعة يدها بين كل دقيقة وأخرى فى قلق وهى تتمتم بقلق
أتأخر أوى النهاردة
سمعت صوت أنثوى من خلفها يقول
سبحان الله له فى خلقه شئون
ألفتت عزة إلى عبير وعاودة النظر من النافذة مرة أخرى إلى تلك البقعة الفارغة والتى تنتظر عمرو ليمر بها وكانهما على موعد وقالت
بطلى التلميحات دى يا عبير
ضحكت عبير وهى تقول
صحيح والله الممنوع مرغوب الراجل كان بيتمنالك الرضا ترضى وكنت حتى مبتفتكريش شغله الصبح ولا بالليل أول ما يديكى الوش الخشب تبقى هتموتى عليه وعارفة مواعيد رجوعه بالظبط
قالت عزة بتوتر دون أن تنظر إليها
أنا مش ھموت على حد على فكرة أنا واقفة عادى
قالت عبير وهى تومأ برأسها ساخرة
صح وانا مصدقاكى
ثم قالت مردفة
على فكره بقى اللى بيحصل ده فى مصلحتك والله
لمعت عينيى عزة بالدموع وهى تقول بهمس
من مصلحتى انه يخاصمنى ومش عاوز يرد على تليفوناتى ويتهرب مني من مصلحتى أنه قلع الدبلة وقالى اقلعيها خلاص
هزت عبير رأسها نفيا وهى تقول
لاء من مصلحتك انك تعرفى قيمة الراجل اللى هتجوزيه أيا كان مين الراجل ده من مصحلتك أنك تشيلى من قلبك أى رواسب قديمة كانت هتسبب فى مشاكل بينكوا بعدين وانا شايفة بقى اللى حصل ده هو اللى هيشيل الرواسب دى
قالت عزة بصوت مخټنق
بالدموع
والدبلة
اللى قلعها
قالت عبير بثقة
ولا تسوى حاجة أنت عارفة أنه بيحبك والدبلة اللى اتقلعت تتلبس تانى المهم قلبك انت يكون صفى ومستعد لاستبقال البشمهندس اللى هيجننك ده
وكأن عبير قد استدعته بكلامها عنه تعلقت عينيى عزة بمنحنى الطريق ورأته وهو يدلف منه واضعا يديه فى جيبيى بنطاله ويسير ببطء يركل كل حصى تقابله وكأنه يتعارك معها ويتوعدها ألا تصادفه مرة أخرى وتتنحى أمام قدميه المتحفزتين يظهر الحزن على قسماته وتعابير وجهه وكأنه فقد شخصا أو شيئا أو قلبا !
فى كل مرة كانت تقف هكذا تتمنى أن يرفع رأسه ليراها واقفة تنتظره ولكنه لم يكن يفعل أبدا ولكن هذه المرة وبتلقائية شديدة رفع رأسه وكأنه يتوقع أن يرى نافذتها مغلقة فى هذا التوقيت رآها تطل عليه بعينين زائغتين معتذرتين دامعتين تلاقت نظراتهما مع خفقان قلبها وشعوره بالحنين لفقدانها دار حوارا سريعا بين عينيهما كان عنوانه الأول والأخير أعتذر منك أشتاقك عد إلي
دوت الزغاريد فى نفس المنزل للمرة الثانية على التوالى ولكن هذه المرة كانت العروس مختلفة كانت عبير عبير ذات العبير المعتق فى صدفته ينتظر نصفه الآخر المقدر له استنشاقه وملىء رئتيه بنسيم القابعة أسفل أمواج خجلها
أحمر وجهها وهى تجذب والدتها من ملابسها لتجلسها مرة أخرى ووالدها يكمم فمها هاتفا بها
أسكتى بقى الناس تقول علينا ايه
جلست أم عبير وهى تلهث من فرحتها قائلة
يقولوا عندنا فرح هيقولوا ايه يعنى
نهرها قائلا
مش لما العروسة توافق الأول يا ام مخ مهوى انت
نظرت إلى أبنتها وهى تقول
عبير موافقة طبعا هى دى عايزة كلام
قالت عزة بحماس وهى تنظر إلى أختها
صح يا ماما
صوب الجميع نظره إليها فى انتظار كلمتها وبعد فترة من الصمت قالت بارتباك
لما أقعد معاه الأول وبعدين استخير ده جواز يعنى لازم يكون منهجنا واحد وإلا هيبقى فيه مشاكل كتير بينا بعد كده الحكاية مش حكاية لحية وخلاص
دخلت عليها والدتها لتجدها على حالها تلك الذى تركتها عليه منذ قليل جالسة على فراشها ترتدى كامل ملابسها التى تخرج بها إلى الطريق لم يختلف شىء غير أنها قد أزاحت غطاء وجهها عنها ليستطيع رؤية وجهها بوضوح وهي تردد بعض الأذكار لتخفف من توترها وارتباكها وخفقان قلبها وقالت تستعجلها
يالا يا عبير الضيوف وصلوا
تبعتها عزة التى دلفت خلف والدتها مباشرة وهى تهتف بها
يالا يا ستى مامته بتسأل عليكى
أرادت والدته أن تقطع هذا الصمت أو بالأحرى أرادت أن تعطيه طرف الحديث معها فقالت
رجلك عاملة أيه دلوقتى يا عبير
قالت بصوت لا يكاد يكون مسموعا
الحمد لله يا طنط أحسن شويه
تحرك لسانه أخيرا وتحرر من صمته ووجد نفسه يقول
بتعملى التمارين
كان لهذا أثر كبير على بلال الذى تحرر من خجله لمجرد أن أصبح وحده معها ولكنه فى داخله شكر فعل والدها أنه يحرص عليها مع ترك مساحة من الحرية لا تسمح إلا بالحديث معها فقط فكم سقط فى عينيه آباء كثر أغلقوا الباب عليهما بدعوى حرية الحديث لولا أنه كان يرفض ويأبى هذا بل ويكون سبب خروجه من
البيت
بلا عودة
ظلت عبير صامتة مطرقة الرأس ولكنه لم يظل صامتا قال في حنان وهو يتأملها
على فكرة الرؤية دى يعنى احنا الاتنين نشوف بعض كويس مش انا بس اللى اشوفك
جاهدت على أخراج صوتها من حلقها وكأنه يعبر الأحبال الصوتية فى مشقة وقالت
منا شوفتك قبل كده
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى
شفتيه وشعر أن الأمر يتطلب جرأة أكثر فقال
طيب ممكن ترفعى راسك شوية مش عارف اشوفك كويس
خفق قلبها بشدة وشعرت أنها لو تركت العنان لنفسها لهبت من مقعدها لتجرى إلى غرفتها وتغلقها عليها لتختبىء من نظراته المصوبة إليها ولكنها تعلم أنه من حقه أن يراها جيدا وينظر إليها رفعت وجهها ببطء ولكنها لم تقدر على النظر إليه مباشرة نظر إليها مليا ثم قال
عبير
شىء ما بداخلها لا تعلم ماهو جعلها ټخطف نظرة إليه ثم تعيد عينيها إلى حيث كانت ربما كانت تريد ان ترى ردة فعله وهو ينظر لها هل أعجبته أم لا لم تكن عبير تلك الفتاة الفاقدة الثقة فى نفسها رغم أنها فتاة عادية ليست بارعة الجمال بل وليست مميزة فى جمالها فتاة عادية بكل المقاييس ولكنها أرادت أن ترى نظرة سابحة فى عالمها منصهرة فى وجودها كانت قد رأتها فى عينيه مرة واحدة حينما كان يستمع لصوتها وهى تسبح وتكبر فى عيادته سابقا وهى تؤدى التمرين ولقد وجدتها وعثرت عليها للمرة الثانية واستشفت ما وراءها من قبول ورضا
أستردت
متابعة القراءة