رواية دموعنا
المحتويات
على كتف أختها قائله
ماشى أنا هديكي كل الفلوس اللى أنا محوشاها من مرتبي وانتى شوفى هتعملى بيها ايه
قالت ياسمين
لأ مش هاخدهم كلهم .. احنا لسه منعرفش احنا هنعيش ازاى .. خلاص كدة معاش بابا الله يرحمه اتقطع عننا لاننا اتجوزنا .. يعني ملناش أى مصدر رزق نعيش منه الا شغلنا هنا .. وأمورنا دلوقتى اتلخبطت
ايه اللى هيحصل دلوقتى يا ياسمين .. أقصد بعد ما كل واحدة فينا اتكتب كتابها .. وبعدين .. ايه اللى هيحصل .. طبعا الفرح لازم يتأجل .. بس هل هنفضل نشتغل عندهم زى ما احنا .. ولا لأ .. ولو مشتغلناش هنصرف على نفسنا منين
نظرت ياسمين الى ريهام قائله
ربنا موجوده .. مش هيسبنا .. اطمنى يا ريهام .. ربنا قادر يبعتلنا الحل لكل مشاكلنا
فى اليوم التالى .. خرجت ريهام من الحمام لتجد أختها ترتدى ملابسها فسألتها
انتى خارجه
قالت ياسمن شارحه
أيوة .. هروح أشوف موضوع الصدقة الجارية اللى اتكلمنا عنه امبارح
لا يا حبيبتى مفيش داعى خليكي
خرجت ياسمين .. توجهت الى الطريق المؤدى للبوابة .. كان عمر يقف أمام البوابة يتحدث الى رجل داخل سيارته .. نظر الى ياسمين فتجاهلت نظراته .. أنهى عمر كلامه مع الرجل الذى انطلق بسيارته خارج المزرعة ثم توجه اليها يقطع طريقها قائلا
ياسمين .. راحه فين
نظرت اليه .. يالله .. لكم تؤلمنى رؤيته .. وتذكرنى بكل ما أريد نسيانه .. أعاده سؤاله
نازله المنصورة
تعملى ايه فى المنصورة
قالت بشئ من نفاذ الصبر
هشترى شوية حاجات
قال وهو يهم بالإنصراف
طيب ثوانى هجيب العربية وآجى
قالت بسرعة
مفيش داعى .. أنا هروح لوحدى
نظر اليها بحنان قائلا
ازاى يعني أسيب مراتى تركب فى المواصلات وأنا موجود
خفق قلبه عندما سمعت منه كلمة مراتى .. تلك الكلمة التى تحاول أن تتناساها .. لكنها واقع .. وأمر مفروغ منه .. لم تعد تستطيع الهرب .. عاد عمر و أحضر سيارته أوقفها أمام ياسمين وفتح لها الباب .. شعرت بإحساس غريب .. هو مزيج من خوف وحيرة وتردد .. للمرة الأولى تركب سيارة رجل غريب بمفردها .. ذكرت نفسها .. ليس غريبا يا
ترددت لحظات فى الركوب .. نظر اليها عمر يراقب ملامح التردد على وجهها .. ركبت بجواره .. بجوار زوجها .. شعرت بالرهبة .. تنهدت وحاولت السيطرة على خفقات قلبها .. هى حتى لا تعلم مما هى خائفه .. سار عمر فى طريقه الى المنصورة .. يلقى نظرة عليها كل فترة .. نظر اليها قائلا
صمتت لتفكر .. ثم قالت
عايزة أروح أى مكتبة اسلامية
قال بإستغراب
مكتبة اسلامية
أومأت برأسها فقال
ليه
قالت بهدوء
عايزة أشترى مصاحب عشان أحطها فى المسجد اللى فى القرية .. صدقة جارية لبابا وماما الله يرحمهم
شعر عمر بحنان جارف تجاهها .. لاحت ابتسامه على شفتيه .. ونظر الى يدها الموضوعة بجانبها على المقعد ..مد يده ليحتضن كفها .. فأزاحت يدها بسرعة .. وكتفت ذراعيها أما صدرها .. تضايق عمر .. لكنه أخفى ضيقه .. مراعاة لمشاعرها وللظروف التى تمر بها .. توقف أمام المكتبة .. نزل معها .. وواختارت ما تريد .. وعندما همت بفتح حقيبتها وجدت عمر يسبقها ويخرج محفظته .. فقالت بسرعة
لأ أنا اللى هدفع
نظر اليها عمر نظرة محذرة .. نظرة صارمة .. دون أن يتكلم .. كم اخافتها نظرته فألجمت لسانها .. يا لهاتين العينين .. هما قادرتان على غمرها بالحنان تارة .. وعلى
اخافتها تارة أخرى .. دفع عمر المبلغ للرجل وحمل المصاحف ووضعها فى صندوق السيارة .. وتوجه الى باب ياسمين وفتحه لها .. ركبت ياسمين .. وركب عمر وانطلق فى طريقه .. ساد الصمت .. قطعته ياسمين وهى تخرج .. المال من حقيبتها وتعده .. ثم تعطيه له فى حده قائله بحزم
اتفضل
ألقى عمر نظرة على المال ثم عليها .. صمت للحظات بدون رد فعل .. ومازالت يدها ممدودة بالمال .. ثم .. أخذه منها ووضعه بإهمال على تابلوه السيارة .. نظرت أمامها .. قال عمر بهدوء لكن بحزم
تانى مرة لما أكون معاكى فى مكان .. أوعى تفتحى شنطتك وتحاولى انك تحاسبي .. أنا راجل مش شوال جوافة
قالت بهدوء
الحاجة دى بتاعتى وأنا اللي لازم أدفع تمنها
قال بحزم دون أن ينظر اليها
ده يبقى بينى وبينك .. مش أدام الناس
ثم نظر اليها قائلا
اتفقنا
نظر اليه .. تلاقت نظراتهما .. هى تحاول قراءة عينيه وهو يحاول قراءة عينيها .. أومأت برأسها ثم عادت لتنظر أمامها فسألها
عايزة تروحى مكان تانى
قالت بتردد
لو مش هعطلك .. عايزه أروح أى دار أيتام هنا
فكر عمر قليل ثم قال
ماشى
ثم نظر اليها وابتسم ابتسامه عذبه قائلا
حبيبتى تأمر وأنا أنفذ
اختلج قلبها لابتسامته الجذابه .. وكلماته الرقيقة .. فأشاحت بوجهها .. وذكرت نفسها بكل ما علمته عنه .. وبكل ما تكرهه فيه .
سمعت ريهام طرقات على الباب فقامت لتفتح ظنا منها أنها ياسمين .. لكنها وجدت كرم أمامها .. ابتسم لها قائلا
وحشتيني جيت أشوفك
ابتسمت ريهام بخجل وقالت
احنا كنا لسه أفلين مع بعض من شوية
قال فى مرح
انتى فاكرة ان صوتك كفاية يعني .. ده أنا لما بتكلم معاكى فى التليفون بحس انك بتوحشيني أكتر
سألها بخفوت
ياسمين جوه
لأ .. خرجت راحت المنصورة
ابتسم كرم قائلا
كويس
ولدهشتها وجدته يدفعها ويدخل ويغلق الباب .. قالت بدهشة
كرم انت بتعمل ايه
قال بجديه
عايز أتكلم مع مراتى .. ايه فيها حاجه
أشارت الى الباب المغلق قائله
بس مش كدة .. مينفعش كده
ضحك قائلا
يا بنتى انتى مراتى
جذبها من ذراعيه ليضمها الى صدره .. فدفعته عنها قائله بخجل
انت بتهرج على فكرة
ابتسم قائلا
أموت فيك وانت مكسوف كده .. طيب أنا بس عايز أتكلم معاكى فى موضوع
قالت بتوتر
طيب اتكلم بسرعة
قال
ايه هتكلم واحنا واقفين كدة ..
ثم ألقى نظرة على الغرفة التى تحتوى على سريرين ودولاب وتسريحة .. فقالت ريهام هاتفه
مفيش مكان هنا نعد عليه
نظر الي السرير ثم قال بخبث
معاكى حق القعاد هنا خطړ
هتفت ريهام بحنق
اطلع بره يا كرم
نظر اليها بجديه قائلا
حبه جد بأه عشان فى موضوع مهم فعلا عايز أكلمك فيه
رأت ملامح الجدية على وجهه فشعرت بالقلق وقالت
خير
قال كرم بجديه
أنا خلاص معدش ينفع أستنى هنا أكتر من كده .. الشغل كتير فى القاهرة وفى حاجات لازم أعملها بنفسي .. يعني لازم أرجع القاهرة فى أقرب وقت
صمتت ريهام قليلا لا تدرى ما تقول فأكمل كرم
لازم تيجي معايا القاهرة يا ريهام .. يعني أقصد تعيشي معايا .. تبقى ډخله يعني
نظرت اليه وقالت بدهشة
انت بتقول ايه يا كرم .. ازاى أعمل فرح وأبويا لسه مېت
قال كرم بسرعة
مش لازم نعمل فرح .. بس أنا مضطر أرجع القاهرة ومش عايز أسيبك هنا .. عايزك معايا يا حبيبتى .. وبعدين انتى ناسية الإمتحانات بتاعتك .. انتى نفسك لازم ترجعى القاهرة عشان امتحاناتك
فكرت ريهام بتمعن ثم قالت
وازاى أسيب ياسمين لوحدها
ياسمين مش لوحدها .. جوزها هنا
.. عمر .. وكمان طنط كريمه هنا
أخذت تفكر .. ثم قالت له فى حيرة
مش هقدر أمشى من هنا يا كرم إلا بعد ما أطمن ان ياسمين هى كمان هتبقى مع عمر فى بيته .. ومش هتعد هنا لوحدها
قال كرم مطمئنا
متقلقيش أنا واثق ان عمر هو كمان هيعجل بموضوع الډخله .. عشان الوضع كدة مش مظبوط .. يعني مينفعش تعدوا انتوا الاتنين لوحدكوا .. وفى سكن عمال طالعه نازله .. وكل واحدة متجوزة راجل يسد عين الشمس
نظرت اليه قائله
خلاص .. شوف انت عمر ناوى على ايه .. بس أنا مش همشى من هنا طول ما ياسمين أعده .. مش ممكن هسيب أختى لوحدها .. وفى ظروفنا دى .. احنا خلاص بقينا لوحدنا وملناش الا بعض
اقترب منها كرم ومسحها على وجنتها فى حنان قائلا
وأنا روحت فين .. انتى مش لوحدك يا ريهام .. أنا معاكى .. ومش
عايز تقلقى من حاجه طول ما أنا معاكى
ابتسمت
بخجل وقالت
عارفه يا كرم .. تعرف انت اللى كنت بتصبرنى الأيام الىل فاتت .. كنت بفرح لما كنت بتكلمنى كل شوية وبتطمن عليا .. خلتنى أحس ان مش لوحدى
ابتسم قائلا
طبعا مش لوحدك
حاولت جذبها من ذرعيها مرة أخرى الى حضنه .. فدفعته عنها بخجل .. تركها قائلا بمرح
ماشى برحتك .. بكرة تبقى فى بيتى يا جميل .. أنا وانت وتالتنا الشيطان
ضحكت ريهام وأخفت ضحكتها بيدها فأكمل قائلا
ولا تقوليلى سيب الباب مفتوح .. ولا كده مينفعش يا كرم .. ده انا هخلص منك القديم والجديد ..
ازدادت ضحكات ريهام قائله
وأنا اللى بقول عنك طيب ومحترم
صاح فى مرح
لا محترم ايه .. مين اللى ضحك عليكي واداكى الفكرة الغلط دى عنى .. أنا عندى ميول شديدة للإنحراف بس مكنتش لاقى اللى يوجهنى .. اديني بس فرصتى وأنا أثبتلك صوت وصورة
صاحت ريهام وهى تكتم ضحكاتها
كرم اطلع بره
ابتسم قائلا
ماشى .. هطلع .. ليك يوم يا جميل
ثم نظر اليها بفرحه قائلا
بس عارفه كويس انى جيت .. على الأقل شوفت ضحكتك الحلوة دى
نظرت اليه بحب وقالت مبتسمه
ربنا يخليك ليا يا كرم
ريهام
مممممممم
اوعى تبصيلى البصه دى تانى وتتكلمى بصوت مسهوك كده طول ما احنا هنا فى المزرعة .. لما نسافر القاهرة وندخل بيتنا ابقى انحرفى براحتك
هتفت قائله
انا منحرفه يا كرم
قال بهمس
يا ريهام أصلك متعرفيش صوتك الحنين ده وانتى بتقولى ربنا يخليك ليا يا كرم عمل فيا ايه
تظاهرت ريهام بالجديه وقالت
كرم بجد اطلع بره .. كده اوووفر
نظر اليها بغيظ .. ثم فتح الباب وقبل أن يخرج .. الټفت بسرعة ليطبع قبلة سريعه على وجنتها ثم خرج مسرعا وهو يضحك .. قالت ريهام يغيظ بصوت منخفض
ماشى يا كرم
دخلت ياسمين الى دار الأيتام بصحبة عمر .. توجهوا الى مكتب المديرة وتبرعت ياسمين بمبلغ لمساعدة الأطفال .. كصدقة جارية لوالدها ووالدتها رحمهما الله .. كان عمر يراقبها بعينين حنونتين
وهى تتحدث مع المديرة .. رق قلبه لتلك الفتاة التى أمامه والتى كلما رآها شعر بقلبه كعصفور صغير يرفرف بجناحيه داخل صدره .. شعر بسعادة غريبة تسري فى كيانه كله وهو ينظر اليها والى أفعالها الطيبة .. حانت التفاته منها وتلاقت
متابعة القراءة