الحليب الأسود

موقع أيام نيوز

أستوعبه تحب هذه الفتاة أن تتحدث بسرعة كأنها تطلق كلامها من مسډس تحشر فيه أيضا تعابير عامية وأخرى سوقية أحيانا.
قلت
حليب أسود
الفصل 10
الله وتشيخوف والطبيب النسائي!
هناك في مدينة تشبه في روحانيتها جبل آثوس المقدس في اليونان تجلس السيدة الدرويشة خلف باب خشبي رأسها محڼي بخشوع وأناملها تقلب خرز سبحة للصلاة. على الصينية أمامها طاسة من حساء العدس وقطعة رغيف وكأس معدني ممتلئ ماء. إنها تقنع بالقليل وحسب. على رأسها عمامة مرتخية بعض الشيء إلا أنها تشد إلى جبهتها حصاة كبيرة. تمكن رؤية بعض ما تغطيه من شعرها من خلل العمامة. ترتدي رداءا بلون الجاد الأخضر يخط على الأرض وسترة داكنة الخضرة و تنتعل شباشب من قماش الكاكي.
لاحظت أنها عند دخولي عليها كانت تصلي. فتسللت بخفة وأنصت لدعواتها إلهي أيها الجمال والحب النقي إجعلنا من الذين يسبحون باسمك الواجدين الخلاص فيك. لا تجعلنا نقضي حياتنا في الأرض بأعين معصوبة وآذان مسدودة وقلوب ختمت عن الحب
تبسمت لسماع كلماتها وأكملت تبسمي لما قالته بعد ذلك
رجوتك إلهي أن تفتح عين إيليف الثالثة على الحب و زد سعتها لاحتضان الحق. جوهر كونك هو الاقتران رجوتك ألا تحرمها من الاقتران بحبك
قلت آمين
جفلت وانقشعت عن أفكارها كالستائر. لكنها عندما رأتني أقف هناك كشفت عن ابتسامة ووضعت كفها على صدرها في امتنان. قلت
? أحتاج مساعدتك. هل تناهى إلى سمعك ما سألتنيه السيدة آؤلو لا أعرف كيف أجيبها.
? سمعته بالطبع ولست أعرف لم أنت مذعورة هكذا. يقول الله أنه يضعنا في امتحانات جميلة. هذا ما يطلقه على الصعوبات التي نواجهها في الحياة. امتحان جميل. لا داعي لأن تسرعي نحو الإجابة لأن الإجابات كلها نسبية. ما يناسب شخصا ما قد لا يناسب الآخر. بدل هذه الأسئلة الفضفاضة عن الأمومة والكتابة اسألي الله أن يجري عليك ما هو في صالحك.
? ولكن كيف لي أن أعرف ما هو صالح لي
تجاهلت سؤالي وأكملت
? لا يهم ما إذا كنت قد أنجبت أطفالا أم كتبت كتبا أو بعت الفطائر في الشارع أو وقعت عقد عمل بمليون دولار ما يهم هو أن تكوني سعيدة ومكتفية من الداخل. هل أنت كذلك
قلت لست أدري
أخذت السيدة الدرويشة نفسا عميقا ثم قالت
حليب أسود
الفصل 11
فلسفة الحسد
هناك خلف باب معدني منمق في مدينة تشبه في صخبها نيويورك تعيش الآنسة المثقفة الساخرة. ستائر بلون العنب رهيفة تغطي نوافذها التي تتشابك عليها خيوط ناعمة من شباك العناكب. أما الجدران فمكسوة بملصقات تشي غيفارا ومارلون براندو.
دائما ما ترتدي أزياء الهيبز ملابس رثة تخط على الأرض فوق سترات الهنود الحمر التي تتناظر النقوش على جانبيها وتتطابق. تلف أوشحة حريرية حول عنقها وتزين يدها بأساور من كل لون تصطف حتى كوعها. تخرج من مسكنها ذاك من وقت لآخر كي تحصل على وشم جديد أو ثقب آخر في جسدها. وبالنسبة لشعرها القصير حتى آخر رقبتها فهو رهن مزاج اليوم قد تتركه محلولا على كتفها أو تلمه وترفعه للأعلى كيفما اتفق. تمارس رياضتي اليوغا والريكي وقد وصلت فيهما لمراحل متقدمة. وتحاول عن طريق علاج الوخز بالإبر أن تكف عن الټدخين فإذا لم تكن تدخن سيكارة أو سېجارا فإنها تمضغ علكة تبغ.
حقائب يدها أكياس مبعثرة تحشر فيها العديد من الكتب والدفاتر وكل أنواع المكسرات. وهي لا تضع مكياجا في العادة ليس لأنها ضده ولكن لأنها حين تضع قلم الكحل أو أحمر الشفاه في حقيبة يدها لا تستطيع أبدا أن تجده ثانية.
تتبع الآنسة المثقفة الساخرة هذه الأيام حمية مختلفة. أمامها صحن من السبانخ العضوية والكوسة العضوية وخضروات منوعة ممزوجة بالزعفران. إنها تحب النباتات وعلى شفا أن تصير نباتية خالصة. لقد مضت سنوات منذ تناولت لحما آخر مرة أكان أحمرا أم أبيضا. إنها تدعي أننا عندما نأكل حيوانا فإننا نمتص خوفه من المۏت. وظاهريا هذا هو السبب الذي يجعلنا نصاب بالأمراض كلها. لقد خلقنا على العكس كي نأكل بسلام الخضروات الورقية كالسبانخ والملفوف والجرجير والكرنب.
قلت
? مرحبا أيتها المثقفة الساخرة.
ردت ملوحة لي بيدها دون مبالاة
? السلام يا أختي.
? أحتاج أن أستشير عقلك في أمر مهم.
? حسنا جئت للمكان الصحيح فأنا بكاملي عقل!
? جيد. ما
تم نسخ الرابط