الحليب الأسود

موقع أيام نيوز

دقائق قرعت الجرس حاملة باقة من زنابق صفراء بين يدي و الفضول في قلبي. لم أكن أعرف منتظرة الباب أن يفتح بأن هذا اللقاء ستكون له آثار عميقة في حياتي عاكسا العديد من التساؤلات داخلي حول الأمومة و النسوية و مهنة الكتابة.
فتحت السيدة آؤلو الباب. بشرتها شاحبة بعض الشيء و ابتسامتها متسائلة أما شعرها فكان قصيرا و مصفوفا بطريقة تقول أنها من أولئك النسوة اللواتي لا يردن قضاء وقت طويل مع شعورهن.
قالت بصوت مفعم بالطاقة
? ها أنت هنا! أهلا تفضلي.
تبعتها إلى غرفة الجلوس. المكان رحب يتسم بالنقاوة و مزين بذوق رفيع كأن كل شيء قد نزل في مكانه هنا بتناسب و تناسق بديعين. و بالرغم من أننا في صميم قلب الصيف إلا أنه يوم عاصف بسبب رياح اسطنبول الشمال شرقية غير المشهورة المسماة بويرس إنها ټضرب أفاريز النوافذ و تتخلل شقوق الأبواب. بيد أن بيت السيدة آؤلو محصن و تضوع منه رائحة أعوام طويلة من الانضباط و الهدوء التام.
ألقيت بنفسي على أول كرسي صادفته لكنني لاحظت فور أن أسندت ظهري إليه أنه أرفع كرسي في الغرفة و أنه ليس من اللائق و المناسب الجلوس عليه. وثبت على قدمي و رحت أجرب الأريكة التي في الجهة المقابلة إنها وثيرة إلى درجة أنني ڠرقت فيها. و أثناء ما كان يراودني شعور بأنني لن أرتاح هنا أيضا انزلقت إلى المقعد الملاصق تماما للأريكة و ندمت فورا على فعلتي هذه إذ من يفضل الجلوس على مقعد خشن عندما يكون متاحا الجلوس على كنبة ناعمة.
حليب أسود
الفصل 5
حديث فيروز مع فيرجينيا وولف!
انقبض بطني. لا تسأليني أرجوك. لكنها سألت ماذا عنك هل الأمومة أمر يراودك
المانيفيستو الذي كتبته في الباخرة يومض في عيني بأحرف وهاجة و كبيرة. قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإلقاء بعض الأسطر منه. لكن قبل أن تواتيني الفرصة راحت جوقة أصوات الفوضى تغني و كأن أحدا قد كبس زر التشغيل. همست في جعبتي أوصصص إخرسن يا بنات بحق الله.
قالت السيدة آؤلو عفوا هل قلت شيئا.
أجبتها شاعرة بالحمرة تجتاح وجهي لا لا.. أعني بلى كنت في الواقع أتهامس و نفسي و حسب لا شيء مهم.
ثم سألتني السيدة آؤلو دون أن تترك لي فرصة للتخلص من هذه الورطة وما الذي كنت تهمسين به لنفسك
بلعت ريقي بصعوبة حتى أن كلانا قد سمع صوت الارتجاع في حلقي.
لم أجرؤ على القول كنت وحسب أوبخ الفتيات الأربعة بداخلي أنت تعرفين إن لهن أراء متعاكسة حول الأمومة كأي من المواضيع المهمة الأخرى في حياتي.
لم أجرؤ على القول هناك مجموعة صغيرة من الحريم بداخلي. عصابة نساء يتشاجرن باستمرار على أتفه الأمور ويختصمن يتحين الفرصة لتمزيق بعضهن البعض. إنهن مخلوقات بالغة الصغر بحجم الأنملة تقريبا يبلغن من الطول من أربع إلى خمس إنشات ويبلغ وزنهن من عشر إلى أربع عشرة أونصة. هذا هو حجمهن بدقة. ويجعلن حياتي تعيسة. غير أنني لا أعرف كيف أحيى من دونهن. يخرجن و يختبئن كيف شئن. كل واحدة منهن اتخذت زاوية من روحي لإقامتها. ولا أستطيع أن أخبر عنهن أحدا. وإن فعلت فسيجعلن مني عرضة للتشخيص بالشيزوفرينيا. لكن أليست الشخصية في صميم تعريفها نوعا من الشيزوفرينيا
لم أجرؤ على القول بأن كل عضوة في جوقة أصوات الفوضى تدعي أنها شخصيتي الحقيقية ولذا ترى إلى الأخريات على أنهن منافسات وحسب.
عميق عدم استساغتهن لبعضهن لو أعطين الفرصة لاقتلعن أعين بعضهن البعض. إنهن أخوات باللحم والدم بيد أنهن يتصرفن بدموية قوانين السلطان محمد الفاتح لو أن إحداهن اعتلت العرش فإني أخاف أن أول أمر ستقوم به هو التخلص من شقيقاتها مرة واحدة وإلى الأبد.
زمنيا لا أعرف أيهن جاءت أولا و من ثم من تبع من. البعض منهن أوسع حكمة من البعض الآخر ولا يعود ذلك لما بلغنه من عمر أكثر من كونه عائدا لأمزجتهن. أظن أنني اعتدت على سماع أصواتهن يختصمن في رأسي طوال الوقت.
لم أجرؤ على قول أي من ذلك. و بدلا عنه دفعت بسؤال في المعركة هذه أسهل طريقة للخروج من هذا المأزق
? أخبريني يا سيدة آؤلو لو كان عند
تم نسخ الرابط